الثلاثاء، 22 يونيو 2010

الولاية التكوينية المطلقه




جلستُ وحدي على طاولة ، وبيدي كتاب أقرأ فيه ، ومع بعض التأمل والتركيز ، يأتي من يخرب عليّ خلوتي ، ويجلس أمامي ، ليسألني السؤال التالي

عليٌّ يخلق ؟؟!!

فأطبقت الكتاب ونظرت إليه نظره لأتفحص جديته في النقاش ، فلم أر أي ملامح للجديه

فقلت:  نعم ..  يخلق ! وما المانع ؟؟

فقال : شرك شرك والله إنك لمشرك ،

فأقبلت إليه ، ومسكت يده ، وقلت له لا تنسى أن تغتسل لأني مرتد نجس !

فسحب يده من تحت يدي ، وصار ينظر بإزدراء ، وكأنه لم يعجبه قولي !
فقلت : إذا كنت لا تملك أخلاق النقاش ، فلا تناقش
فانضم إليه خمسة من أصحابه ، ثم قال لهم : إن صاحبكم يدعي أن سيدنا علي يخلق ؟

فألتفت إلي أحدهم ، وقال : أوتؤمن بالولاية التكوينة  كما يؤمن السفهاء ؟
فقلت : بل أؤمن بها كما يؤمن العاقل الموحد لله !

فقال : كيف ذلك وهي منافية لكل أصناف التوحيد ؟

فقلت : أولا دعونا نتوقف قليلاً عند معنى الولاية التكوينة قبل أن اشرح لكم .
فماذا تعني الولاية التكوينية ؟
فوقفت ، ثم أشرت إلى أحدهم وقلت هات يدك !
فناولني يده ، فقلت له : من الذي حرك يدك ؟
فأجاب : أنا !
فقلت : ومن الذي حرك لسانك لتقول انا ؟
فأجاب : أنا !
وبان على وجهه الإستغراب
فقلت  : أنت كاذب !!

فأحمر وجهه غيضاً وغضباً .

وأردفت قائلاً : فأنت إنسان لا تستطيع أن تدفع عن نفسك شر ( بعوضه ) فكيف تستطيع ان تفعل هذا ؟
بل كل هذا ( بقدرة من الله )

ثم جلست وتلوت الآية  : { فَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ  } .


فكل ما في الكون هو لله عز وجل ، لا نمتلك شيئاً .
لكن الله أعطانا القدرة للتصرف ببعض الاشياء في هذا الكون تصرفاً تكوينياً .
وفي هذه اللحظات ، قدم شخص لطالما أحببت أن أراه بجانبي دائما .
شخصية أعتز بكونه صديقاً لي ، يدعى ثائر .
رأيته وأنا أشرح للفتيه قدرتنا بالتصرف ببعض ما في الكون
فأشرت إليه أن أقبل ، ومن دون أن يشعر الفتيه قلت : أوترون !
بحركة يدي هذه ، وكلني الله بالتصرف فيها وهو تصرف كوني
فيدي ورجلي ولساني هي أشياء في هذا الكون .

إذن لي ولاية تكوينة على ( يدي )
لي ولاية تكوينة على أن أذبح شاة ، أو طيراً .!

حتى وصل صديقي ( ثائر)  وانا أقول : فالولاية التكوينية أن الله تعالى سلطني على شيء في الكون أو تغيير في الكون .
ثم وبلا مقدمات ، شرع ثائر وهو يحادثني ، وبإسلوب ( إليكِ أعني واسمعي يا جارة )
وقال : أخي  لا تنسى أن للولاية التكوينة درجات .
فألتفتُ إليه ، وقلت له : أحسنت ، فما هي الدرجات ؟

فقال : وهو ينظر مرة في عيني ومرة يعم النظر إلى الفتية الجالسين .

الدرجة الأولى : وهي لكل الناس
فكما كنت قد قلت للتو ، الأعمال التي نقوم بها هي ولاية تكوينية لكل الناس بل حتى للحيوان .
والدرجة الثانية : هي للأولياء .
ثم سكت لحظات وقال : هل تذكر القصه التي قلتها لي البارحة ؟
أن أحد العلماء أراد أن يزور الإمام علي عليه السلام فسافر مشياً على الاقدام من كربلاء إلى النجف ، وهو في الطريق رأه أحد المؤمنين في السيارة وهو خارج من كربلاء ماشياً إلى النجف ، والمعلوم أن مسافة الطريق تأخذ عادة يومان ، حتى وصل هذا المؤمن إلى حرم الإمام علي عليه السلام في ساعتين ودخل الحرم ، ففوجئ بوصول العالم !
فكيف استطاع هذا العالم أن يقطع مسافة يومان في ثوانٍ ؟؟
فقلت : هو أحد أولياء الله ويمتلك قدرة ( طي الأرض ) .
فقال : نعم وله ولاية تكوينية بشكل أوسع مما لدينا
والدرجة الثالثه : هي للأنبياء .
عيسى بن مريم مثلاً يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه من روحه .
فلقد حباه الله بالقدرة على التصرف في الكون أوسع من قدرة الأولياء .
وأما الدرجة الرابعة : فهي خاصة بالمعصومين الاربعة عشر .
وهي الولاية التكوينية المطلقة !
فوثب إليه أحد الجالسين وقال : يعني لا حدود لولايتهم التكوينيه .
فأشر إليه برأسه وقال : نعم ، فكل شخص له حدود في ولايته التكوينية إلا أهل البيت عليهم السلام فولايتهم التكوينية وتصرفهم في الكون ليس له حدود ، ويستطيعون أن يغيروا ما بالكون بكل صور التغيير .
فقلت : نعم ، هذه الولاية خاصة في المعصومين الأربعة عشر ، ولا يشاركهم فيها أحد
يستطيعيون أن يشيروا إلى القمر فينشق ، ويسطيعون أن يشيروا إلى شخص فتخرج روحه.. وهلم جراً .

فقاطعني أحدهم وقال : أوليس هذا شرك ؟
فقلت ما الشرك في هذا ؟
فقال : أن تقول أن أهل البيت عليهم السلام لهم القدرة في التصرف بالكون كما شاؤوا ، بل لو قلت أنهم يمتلكون دعوة مستجابة ، فيطلبون من الله اي شيء ، فيستجيب الله لهم . لكان هذا مقبولاً .
لكن أن يتصرفوا بالكون فهذا عين الشرك .

فضحك صديقي ( ثائر ) وقال : ليس هذا بالشرك !
النبي له دعوه مستجابه ، هذا صحيح ، وله ولاية أيضاً .
هو يتمكن أن يغني الفقير ، ويبرء الأعمى ويشفي الأبرص .ويخرج الروح من الجسد ، ويدخل الروح في الجسد .
ثم أكملت ما قاله صديقي ( ثائر ) : الله أعطاني قدرة أن أحرك يدي ، فهل سأقول إلهي حرك يدي ؟؟
الله أعطى القدرة إلى النبي عيسى بن مريم ، أن يخلق ، ولو تمعنت في الآية الكريمة (  أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ  ) ولم يقل ، فأقول إلهي انفخ فيه من روحي .
فمن الذي نفخ في الطين من روحه؟
الجواب هو عيسى بن مريم ، ولكن بقدرة من الله عز وجل

هنا أقول لك : أن الله وهب هذه القدرة المطلقة لأهل البيت عليهم السلام في التصرف بالكون ، وهذا عين التوحيد ، وبعيد كل البعد عن الشرك !

ثم قال : إذا اسلمنا بما قلتهم ، فأين الدليل !
فأردت أن أجاوبه ، فقاطعني وقال : أريده من القرآن لو سمحت .
فقال له ( ثائر ) : أدله من القرآن ، ومن الأحاديث الشريفة المستفيضه .   
فقلت : أما من القرآن الكريم .
فقال الله عز وجل ( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين )
وتدبر ، فقد قال الله ( كل شيء ) ، وهذا يدل على المطلق العام .
وكما وردت في الروايات أنها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
إذن كل القدرات لأمير المؤمنين .
فأكمل ( ثائر) ماقلته بقوله : لماذا تذهب بعيداً ، الآية التي نقرها على الأقل في اليوم 10 مرات ،
(اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) .
ومن الواضح أنها في رسول الله وأهل بيته عليهم السلام .
وهنا لم يبين الله النعمة التي انعم الله عليهم ،
فحذف المتعلق
وحذف المتعلق يفيد الـ.... ( وانتظر إجابتهم )
فقلت : يفيد الشمول والعموم
فقال : أحسنت ، يعني أن الله عز وجل أنعم عليهم بكل النعم

فسخر من كلامه أحدهم وقال : أي تناقض هذا ؟
فإذا كان الله أنعم على رسوله بكل النعم ، لماذا إذن لم يعمر رسول الله ، بل لماذا لم يمتلك مليون دينار .!
أوليست هذه من النعم ؟

فرد عليه ثائر بكل جرءه وقال : لو أعطيت ولدك 100 ألف دينار ليشتري بها كل مستلزمات زواجه ، فإذا سألك أحد ، ماذا أعطيت لولدك ؟
فسيكون الجواب : أعطيته كل شيء
وقلت : أحسنت ، لو أنك اعطيته ثمناً لشراء اثاث ، أو شريت له اثاث ، ففي كلتا الحالتين ، أنت أعطيته ، لأنك في الحالة الاولى جعلت له القدرة لشراء الأثاث ، وفي الحالة الثانية انت الذي أنعمت عليه بالأثاث .

فسكت .

رسول الله كذلك ، فقد وكل الله تعالى له الأمر وأعطاه القدره .

وأما عن الأحاديث المستفيضه ، فسيطول المقام بنا .،
لكن ، برواية صحيحه عندنا وبسند هو من أصح الاسانيد ، في زيارة لسيد الشهداء عليه السلام : " أرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتك " .
يعني : أقل ما يستفاد من هذه العبارة ( الولاية التكوينية المطلقة )

فوضع ثائر يده على منكبي وقال : قرأت اليوم رواية عن الإمام الحسين عليه السلام انه ذهب لعيادة مريض من أصحابه ، فلما دخل عليه الإمام طار المرض من بدنه ، فرأى تعجب صاحبه من هذا الأمر فقال له الحسين عليه السلام : والله ما خلق الله شيئاً إلا وأمره بالطاعة لنا .

ثم قال : لا تتأخروا فقد حان وقت الصلاة .
وهنا أنتهى النقاش .



هناك 6 تعليقات:

  1. يعجبني تسلسل أفكارك في الموضوع

    و طريقتك في الاستدلال

    أحسنت :)

    ردحذف
  2. هذه الأيام أجد هذا السؤال بكثره ، ولا أعلم ما السبب حقيقة!!

    ولا أعلم لماذا البعض لا يصدق أن الأئمة عليهم السلام يخلقون!!

    دمت بحفظ أمير المؤمنين عليه السلام

    أنت معلم ممتاز :)

    ردحذف
  3. أشكرك أخي يوسف ،

    واشكرك على المرور ( غير معروف )

    السبب الحقيقي وراء هذا السؤال

    هو اشكاليات تطرحها القنوات المعادية لمنهج الأئمة عليهم السلام كـ ( صفا ) و ( وصال ) التكفيريه !

    والغريب اننا لا نجد من يتصل وهو فاهم ويتكلم بالمنطق والحقيقة .

    ردحذف
  4. تحية طيبة

    ردحذف
  5. يقول علمائكم ما تقول بشكل أو بأخر أن للأئمة ولاية تكوينية تخضع لسيطرتها جميع ذرات الكون.

    سؤالي / هل كان شمر قاتل الحسين يخضع لولايتة التكوينية؟
    إن قلت نعم فهذا يعني أن الحسين مات منتحراً لأنه لم يستخدم ولايته التكوينية.
    وإن قلت لا لايخضع كذّبت كل علمائك الذين أجمعوا على القول بالولاية التكوينة.


    كما أن الحسين رضي الله عنه (في دين الرافضة ) يعلم الغيب كاملاً فهل خرج منتحراً وأخذ معه أهله؟
    إن قلت نعم طعنت بالحسين واتهمته بقتل نفسه وأولاده.
    وإن قلت لا نسفت عصمته وأسقطت إمامته.

    تحياتي لك ولثائر

    ردحذف