انتهى بنا البحث إلى هذه النقطة ، بعد أن ثبت من خلال القرآن الكريم نفسه أن له نوحين من الوجود اصطلحنا عليه
· * الوجود العالي : الذي نزل منه القرآن وهو الوجود الذي في أم الكتاب والوجود الذي في الكتاب المكنون والوجود الذي في اللوح المحفوظ
· * الوجود الداني : وهو الذي عبّر عنه القرآن في سورة الزخرف ( إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون )
وبينّا بعض الفوارق الموجودة بين هذين النحوين من الوجود ، ولكن هناك اشارة في القرآن لفارق آخر وخصوصية أخرى للوجود العالي ، حيث عبّر عن ذلك بقوله : ( وإنه في أم الكتاب لدينا ) وفي موضع آخر بنحو عام قال : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) .
إذن هناك لفظان لفظ ( لدينا ) و ( عندنا ) !
حينما نرجع إلى القرآن الكريم ، نجد بأن الله يميز بشكل واضح بين ما عندنا وما عند الله ، فمثلاً
قوله : ( ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ) .
والقرآن أشار إلى الوجود العالي بكلمة لدينا ( وإنه في أم الكتاب لدينا ) وعندنا ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) إذن فهو لدى الله ، وما عند الله باق لا يتبدل ولا يتغير وهذه حقيقة قرآنيه .
من هنا نصل إلى الخصوصية الثالثه للفرق بين الوجودين العالي والداني .
أن ذلك الوجود العالي ، فوق عالمنا المشهود والمادة والمحسوسات ، وهو مرتبط بعالم الغيب والملكوت والباطن ، أما الوجود الداني فهو مرتبط بعالم الشهادة والملك والظاهر .
لننتقل إلى مبحث آخر ، وهو مبحث الـ (حقيقة الوجود العالي )
فهل الوجود العالي ، له نشأة واحده أم متعدد ؟!
في سورة الحجر قول الله تعالى : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) .
وفي صريح الآية المباركة عبّر عنه خزائن ،
والقرآن شيء من الأشياء ، فهذا يكشف أن له خزائن عند الله ، يعني اثنان فما فوق
وكلها مرتبط بعالم الغيب .
وهنا أقف وأقول ،
حينما نقول أن وجود النبي صلى الله عليه وآله ووجود الأئمة ، ونقول أنهم يعرفون القرآن بتمامه ، ليس المراد هو ما يرتبط بالألفاظ والمفاهيم ، وإنما المراد علمهم ، بجميع خزائن القرآن في الوجود الملكوتي .